الاثنين، 18 مايو 2009

البدايات


أريد أن أكون كوميض تليفوني المحمول ضئيلا لا يغني ولا يشفي حنيني للنور، لكنه يستطيع أن يكسر حدة الظلام بقدر ما يحمل من طاقة شحن.. مالي وكل هذا الحديث عن العنف وأخبار القتل وضيق العيشة واللي عايشينها.يكفيني خفقة قلب لايزال يتمسك بك ويعيش علي أيامك، فلماذا غابت طلة وجهك وابتسامته الأثيرة؟.. ربما لأني تجاوزت حدود البدايات وغمرتني مياه الحياة بصخبها وصراعاتها وجنونها اللاهث وراء لا شئ.
نعم هي البدايات التي تسكننا بالدهشة حين نكتشف جديدا كوليد جاء إلي الحياة توا، يتعلم أول حروف الكلام وتخطو أرجله الضعيفة علي الأرض التي يظن أنها مازالت رحما والبشر من حوله مشيمة تغذيه وتعلمه فنون التواصل والاندماج. عن الحلم أتحدث، ليس ذلك الحلم الذي نراه في المنام، بل هو الأمل الذي يحتوينا حين نفكر في الغد ونتجاوز فيه جغرافيا الأماكن والبشر والأزمنة، لتوقيت جديد نريد أن نصنعه ويغاير حاضرا لم يكفنا أو يرضنا.فلمن يقول إن الهم ثقل علي القلب، فالهم متعة حين يسكنك بالحلم، وتدرك أن وجودك مرهون بوجوده، هذه ليست بدعة أو نصاً من رواية في كتب الحواديت، بل هو اليقين ذاته حين نصدقه ونعيش له وبه ومن أجله ونراهن علي تحقيقه ما حيينا.. فلماذا فقدنا الحلم ولماذا تجاوزنا البدايات؟وكما يقول درويش: لا أريد من الحب غير البداية، أريد العودة لجغرافيا البشر الطيبين الذين انتميت لهم وآمنت بهم عقيدة تعينني علي الهداية والطريق القويم، لماذا افترقت بنا الطرق، أين تلك الملامح المنهكة التي ترتسم علي تجاعيدها السمحة خريطة شعبنا، كيف كساها كل ذلك الجمود، وأين ذهبت قدرتها علي التسامح والغفران والرحمة؟استمرار الحلم يعني الوقوف عند زمن البدايات، وحين تغيب الدهشة يفقد الحلم أروع ما فيه، وربما هذا ماحدث حين ننظر الآن لأنفسنا ومن حولنا، أسياج من الخوف والانكسار وفقدان الأمان والأمل، علي صفحات الجرائد وفي نشرات الأخبار وفي أحاديث البيوت.... نعتصر أفكارنا لمعرفة السبب! دون أن نتساءل أين أحلامنا الصغيرة؟ أين أصدقاؤنا الأوفياء؟ أين الأحبة؟ أين الوطن؟ أسئلة لا تنتهي ولن تنتهي لأن فيها الإجابة عما نتحاشي الحديث عنه، ورغم أن من نسأل عن غيابه يحملنا بهم كبير، ربما يكون وجوده أيضا هماً، لكن شتان بين الهمين، فالأول موت، والثاني هو الحياة ذاتها، نعم ما أجمل ذلك الهم الذي نحمله اختيارا، وكما الجبال وضعت لتستقر الأرض، يجب أن نستمر في حمله، ونفسح له بداخلنا مكانا للغفران والأمل والإيمان، ونثق أننا نستطيع التمسك بالأحلام دون أن نتجاوز دهشة البدايات.
زينب حسن
18 مايو 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق