الاثنين، 22 فبراير 2010

رسائل داود وسليمان


فارق كبير بين المعجزة والكارثة، فربما كلاهما فارق للمنطق ومتجاوز لطبيعة الأشياء وفطرتها، لكن الأولي تسعي للمحافظة علي قوانين الطبيعة كما شاء لها الله أن تكون، بينما الأخري لا تعرف في عملها سوي قانون الفوضي. ويبدو أنه قدر لنا أن نعيش في زمن يجمع أكثر من غيره بين حدود الشبه والاختلاف للمعجزة والكارثة، ونتنفس ما بينهما من التضاد والنقائض. ففي نفس الوقت الذي يبعث فيه داود عبدالسيد فيلمه «رسائل البحر» منتصرا الي زمن يحتضر ويرتحل عنا شيئا فشيئا، بأهله الطيبين وشوارعه الدافئة وبحره الهائج بالخير.. يحملنا الوزير المتهم ابراهيم سليمان الي زمن فاجر تنتصر فيه الكارثة بفوضويتها علي المعجزة بنبلها وحيويتها.
> معجزة عبدالسيد أنه مازال يقتات من عمل يديه مؤمنابأن هناك ما يستحق الجهاد مهما قل عدد المؤمنين، بينما كارثة الوزير انه اعتاد أن يعيش علي رقاب الأحياء غير عابيء بما يطيح به سيف نفوذه وجبروته من رءوس يغتالها الفقر والمرض والجهل.

> معجزة عبدالسيد أنه مازال ينشد قصيدته السينمائية علي أنغام الجمال والحب، بينما كارثة الوزير أنه لا يعزف سوي أنشودة النشاز التي تعلمها بين أوركسترا نظام المنتفعين.

> معجزة عبدالسيد أنه يؤمن بأن الخطايا مهما ثقلت يستطيع أصحابها تكفيرها بالتوبة، بينما كارثة الوزير انه لا يعرف للندم سبيلا مهما تكاثرت امام عينيه الخطايا والضحايا.

> معجزة عبدالسيد أنه مريض بالتفاؤل، فرغم المهالك والصعوبات التي تواجه أبطاله، الا انه يرمي لهم قارب نجاة يلتقطون به سمكة الحياة، بينما كارثة الوزير أنه لا يثنيه شيء عن إلقائه لديناميت الجشع والنهب والسطو لتموت كل الاسماك.

> معجزة عبدالسيد أنه يقول ما يصدقه، بينما كارثة الوزير انه لا يعرف سوي لغة الكذب.
> معجزة عبدالسيد انه مازال يتمسك بالحلم، بينما كارثة الوزير ان الكوابيس ستظل تلاحقه صحوا كان أم نائما.

> وأخيرا علينا أن نختار بين التقاط رسائل المعجزة بأن هناك ما سوف يبقي، أو نحمل رسائل الكارثة باستحالة بقائه.

زينب حسن
22/2/2010