الجمعة، 17 يناير 2014

شادية


سيدتى:
اليوم على غير موعد ودون مناسبة أرى وجهك الذى طالما أطل من زمن الحب، وجاد على منذ صباى بالبهجة رغم حزنه الدفين، تواريت عن العيون لتختبئ وراء ستار الزمن، لكنك كنت أكبر من الذكرى فى القلوب، وها أنا حين أمارس لعبتى بالهروب بين الأزمنة أجدك تجلسين على صخرة العشق التى ناديت فيها حبيبك، لتصبح مناجاتك بين المحبين دليلا.

أود برسالتى التى ربما لن تقرأيها أن أحكى لك عن تلك الصغيرة التى كان لهوها فى حارات وشوارع حى عابدين، وكم كانت سعادتها حين أشار لها أحدهم أن شادية ولدت هنا، وكأنى لمست القمر، هنا مرت الدلوعة وعاشت مثلى فى نفس المكان أيام لهوها وصباها، وتحت تلك الشمس رسمت أحلامها، فرحت أكتبك فى يومياتى وألصق صورك على جدران البيت وأتطلع فى ملامح وجهك الأسر للأنثى التى أحلم أن أكون على شاكلتها، بين الشقاوة والخجل كنت تجلسين على خارطتى، تمنحينى بصوتك الغد، وعلى حدود جسدك الرهيف أرى الدنيا التى أشتهيها.


تمر السنوات كالسيوف تقطع بين حال وحال، لكنك كنت دائما على عهدى بك تداعبين الفرح من وراء الألم لترسمين صورة النجمة التى أشرقت فى سماء الفن لحنا يعزف الجميع على أوتاره بكل المقامات، من المرأة المجهولة إلى زقاق المدق لم تزرعى الشوك، وبين اللص والكلاب كنت النور الذى اهتدى إليه الغريب، وفى الحب الذى عرفتيه أغلى من الحياة لم تسألى: من أنت؟
فاسمحى لى أن أجتهد بالإجابة، أنت الغزال الذى أتى النبع فارتشف منك العذوبة، واغتسل من دمعك الشوق ليرفرف النخيل..


سيدتى:

وأنت هناك تجلسين بين ضحكة وبكاء تغرسين فى كل صورك جزء من ذكرياتنا، وإن غابت كلماتنا عنك فلأننا أبناء النسيان، لكنك عصية على الغياب، فلكل امرأة نصيب من قلبها، وأنت حملت بين صدرك قلب الأم التى لم تكونيها، فاغفرى هفواتنا وعبثنا بالليالى التى كنت فيها القمر..

ومن هنا رغم احتمالات الزمن ستظلين فى عينى على نفس الصورة التى تفترشين فيها شاطئ البحر والرمل يذوب من لمسة قدميك والشمس تنتظرك حتى يرتوى منك الموج الظمآن، ويقبل جسدك المنذور للأنثى التى عشقتها المعانى وتبعثر الجمال على وجهها خجلا مما تحمله روحها النضرة.

زينب حسن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   نشر فى جريدة الكرامة -  8/8/2009

الجمعة، 3 يناير 2014

الحياة لونها فضى





لا أعرف من أين تأتى بكل هذا السحر الذى يخطفنى إلى فضائك أجاور نجومك واستظل بسمائك وأشرب نداك لأصير بما تعكسه شمسك قمرا .

الحزن سفينتى فى بحر هادر لا يرحم لكن مرساتك دائما تمنحنى النجاة..

فها هو نداؤك يحملنى من جديد إلى تلك البقعة التى تتجمع فيها أكوام قش القمح هرما انبسطت قمته فافترشناها معا محلقين بعيدا عن ظلام الليل ننهل من أشعة البدر الفضى ونجومه المتلألأة علامات لطريق طالما حلمنا به.. نسير فيه ونرمى ورائنا أطلالنا حجرا حجرا .. ألما ألما .. ونغتسل بدموع الفرح بأن لنا عالمنا كما نحب أن يكون..

ولا تنسى أن تحمل لى معك موسيقاك وأشعارك وكل كلماتك وهمساتك وأحلامك ونداءاتك ونظراتك حتى تروى القمر والنجوم حولنا وحينها لن يعرفا الأفول.

وإذا كنت أمتلك شعرا وعينين وملامح تستحق أن تكتبها
فأنا أكتبك اليقين.. 
وكما العابث يشتاق لمتعة هادئة
وكما العاصى يبحث عن لحظة إيمان
وكما التائه يود ولو يرى الدليل
فأنت متعتى وإيمانى ودليلى..
فاذهب وعد
فالشط سكنك 
وما أظنه يستطيع الهروب
وإذا أفلتت منه كلمات وابتسامات وملامسة أيادى
فكلها ذرات عابرة ستجد مآواها فيما بيننا من رمال الغرام
التى لاتعد ولا تحصى..