منذ خمسة عشر عاما كنت أحبو في بلاط صاحبة الجلالة، ألهث وراء الأخبار والموضوعات، وأفتش في كل مكان علي من يعلمني الجديد في عالمها اللامتناهي، وكان مقر نقابة الصحفيين إحدي الساحات التي تعج بالأحداث التي تستقطب النجوم في مختلف المجالات، وحين انتقلت النقابة إلي مقرها المؤقت برمسيس، كان نادي الصحفيين النهري بالبحر الأعظم ملجأنا الذي نحتمي فيه أنا وزملائي، فلم نكن حصلنا بعد علي كارنيه النقابة وكان تواجدنا فيه نوعا من الاعتراف الضمني ولو داخلنا بأننا ننتمي لهذه المهنة العظيمة.
في النادي النهري كان لقائي بعمدة الساخرين محمود السعدني، الذي أبعده المرض منذ سنوات، مرت في صمت لم نعتاده علي الرجل المشاغب الذي أضحكنا ورسم في قلوبنا فرحا لم ولن ينتهي.ويعود الفضل للسعدني في تأسيس النادي الذي أشرف عليه وسارع في الانتهاء منه، متطوعا بمحبة إلي مهنته وزملائه.. كنا مجموعة من الشباب الصغار نلتف حوله مع ضيوفه من نجوم الفكر والأدب والسياسة والفن، وكان هو نجما فوق العادة يتحدث طوال الوقت بملامح جدية تخرج من بين ثناياها القفشات والكلمات التي تذوب معها الشفاه وتتهدج معها الأنفاس، وحينما يسترجع بعض المواقف التي مر بها يرويها بقدرة فائقة لا تعرف عندها الفارق بين الجد والهزل، لكنك تشعر بخبرة الرجل ودرايته ومعاناته.. وتلك مدرسة في عالم الكتابة الساخرة ربما لها العديد من الأساتذة الكبار أمثال السعدني وأحمد رجب وبيرم التونسي وصلاح جاهين وغيرهم، لكن تلامذتها قليلون ولا نكاد نشتم رائحتها سوي في كتابات جمال فهمي وجلال عامر وبلال فضل لا غير.. وتلك قضية كبيرة تجعلنا نتساءل: أين ذهبت الضحكة وصناعها من أبناء "الشعب ابن النكتة". كلمات السعدني كانت كالرصاص لكنها الصدق بعينه، صدق الرجل الذي اعتاد أن يقول كلمة حق دون أن يخشي فيه لومة لائم، وهذا ما جعل حياته قسمة بين السجن والنفي والسفر الطويل، لكنه مع ذلك صنع تاريخا باهرا في عالم الكتابة الساخرة التي أضحكتنا رغم أن صاحبها كان يتمرغ في بحور الألم، ودفع ثمن مواقفه من عمره وصحته، خاصة في فترة حكم السادات.
في النادي النهري كان لقائي بعمدة الساخرين محمود السعدني، الذي أبعده المرض منذ سنوات، مرت في صمت لم نعتاده علي الرجل المشاغب الذي أضحكنا ورسم في قلوبنا فرحا لم ولن ينتهي.ويعود الفضل للسعدني في تأسيس النادي الذي أشرف عليه وسارع في الانتهاء منه، متطوعا بمحبة إلي مهنته وزملائه.. كنا مجموعة من الشباب الصغار نلتف حوله مع ضيوفه من نجوم الفكر والأدب والسياسة والفن، وكان هو نجما فوق العادة يتحدث طوال الوقت بملامح جدية تخرج من بين ثناياها القفشات والكلمات التي تذوب معها الشفاه وتتهدج معها الأنفاس، وحينما يسترجع بعض المواقف التي مر بها يرويها بقدرة فائقة لا تعرف عندها الفارق بين الجد والهزل، لكنك تشعر بخبرة الرجل ودرايته ومعاناته.. وتلك مدرسة في عالم الكتابة الساخرة ربما لها العديد من الأساتذة الكبار أمثال السعدني وأحمد رجب وبيرم التونسي وصلاح جاهين وغيرهم، لكن تلامذتها قليلون ولا نكاد نشتم رائحتها سوي في كتابات جمال فهمي وجلال عامر وبلال فضل لا غير.. وتلك قضية كبيرة تجعلنا نتساءل: أين ذهبت الضحكة وصناعها من أبناء "الشعب ابن النكتة". كلمات السعدني كانت كالرصاص لكنها الصدق بعينه، صدق الرجل الذي اعتاد أن يقول كلمة حق دون أن يخشي فيه لومة لائم، وهذا ما جعل حياته قسمة بين السجن والنفي والسفر الطويل، لكنه مع ذلك صنع تاريخا باهرا في عالم الكتابة الساخرة التي أضحكتنا رغم أن صاحبها كان يتمرغ في بحور الألم، ودفع ثمن مواقفه من عمره وصحته، خاصة في فترة حكم السادات.
وأنا أطالع في مكتبتي مذكرات السعدني "الولد الشقي" استرجعت تلك الأيام، ومن بين الصفحات خرجت ضحكاتي رغم ما تحمله من أسي صاحبها، وتلك مهارة لا يملكها إلا أمثال محمود السعدني الذي استطاع أن يصنع من الضحكة الصافية نسمة هواء تنعش القلوب، ورشفة مياه ترويها في عطش الأيام الحزينة، لكنها تختلف عن الماء والهواء بأن لها طعماً ولوناً ورائحة، طعم صاحبها بشخصيته وعبير موهبته.شفاك الله ياعمنا بقدر ما أبهجتنا وأمتعتنا
ويا للي انكتب عليك العط
اصبر دا الرب مش ناسي
زينب حسن
11 مايو 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق