الثلاثاء، 4 نوفمبر 2008

فضفضة قلب

الحاء عنده بداية.. والباء عندى انتهاء
حينما حاولت البحث عن فكرة أكتبها، وجدت كل ما يحدث من حولى قابلا للكتابة من أحداث وأخبار ويوميات، إلا إننى آثرت النأى عنها جميعا لأكتب عن الشئ الوحيد الذى يفتقده هذا العالم القاسى.. أردت الهرب إلى الحب، فكان الحديث عن الحبيب، تجربة عمرى التى تكفينى لسنوات عمر لا أعلم مداه، راضية بالثقة التى تمنحنى تفردا بين كثيرين يعيشون أعمارهم دون أن يعرفوا لحظة حب حقيقية، لأنهم لو ذاقوها لاستطاعوا أن يمنحوا العالم شيئا من السلام والاطمئنان..
هكذا هى حكايتنا فى الغرام.. عشق لا يعرف النهاية حتى ولو بسيف القدر.. فيكفينى من هذا العالم أنت أيها الحبيب الذى يأبى إلا أن يحقق وجوده فى كل لحظة من حياتى.
فى عيون الناس أراك واقفا بكبريائك المعهود تبتسم من بعيد، بنظرة تدعونى للقرب، ورغم أنى لا أعرف طريقا أخطوه إليك، فإنى لا أرانى إلا فيك.. ما أجمل قسوة الأيام التى تجعلنى أهرب إليك.. وما أحلى الخلود إلى النوم لأنى أراك.. ويالا روعة الصحو ليوم لا يستحق أن يعاش إلا إذا كنت حاضرا فيه.
"إنك لا تنزل النهر مرتين" كلمة لفيلسوف يونانى قديم فسر بها صيرورة الحياة، وكيف يتحرك كل ما حولنا بانتظام وسرعة لا يضاهيها شئ فى الوجود، حتى أننا لا نلمس نفس المياه فى نفس البقعة من النهر لو نزلنا فيها آلاف المرات.
إلا أنت نزلت نهرك مرات ومرات، ومازلت أفعل، لأجدنى ألمس نفس مياهك النقية فى بريق عينيك الدافئتين، وحضنك الحنون مهدا ناعما لجسدى الحائر، وتلف بذراعيك طفولة قلبى وشقاوة روحى.
يقولون إن الزمان يؤلب القلوب ويبدلها، وإن شريعة الحياة لا تعرف من الحقيقة إلا التغيير مذهبا، لكنك كنت رائعا فى القرب، وصرت أروع فى البعاد.. فابتعد يا حبيبى حتى أشتهيك أكثر وأكثر، وأشبع نفسى الهائمة من فيض روحك الطاهرة، وأهرب من ذلك العالم المتسارع قاتل الأيام والأماكن والبشر.
وإذا كانت الأرض التى تأوينا لم تعد تعرف إلا العواصف، تروح بالغدر مرة وتغدو بالخيانة مرات، فسألقى سفينتى فى بحر الحب، وأترك مرساتى لرياحه.
زينب حسن
4/11/2008

السبت، 22 مارس 2008

أمهات الحياة

لكل امرأة نصيب من قلبها.. فعلى قدر ما يحمل القلب تنسج الحياة فصولها بين صعب ويسير .. حزن وفرح..
وقد اعتدت دائما على ملامسة حياتى برفق، وعندما تغلبنى وطأتها ألوذ بقلبى فينجينى بالمبررات أحيانا وبالسكينة والاطمئنان أحيانا أخرى.. وأتساءل مالهذا القلب مكتفيا راضيا على الدوام؟.. وحتى إن بادر بالعصيان والغضب سرعان ما تخفت ثوراته بكلمة أو فعل يحمل شبهة تراجع أو أسف..
اليوم وأنا أتعثر فى كلماتى عنك سحبت القلم، وهرعت إلى ملاذى بين الضلوع، وجدتك ساكنة فيه هادئة مطمئنة كما أنت دائما.. فآتتنى لحظتى العابرة بإجابة عن سر القلب المستكين؟
لأننى أنت.. وأنت أنا.. حاولت أن أتكلم عنك فتكلمت عنى.. وجدتك حاضرة، فانسكب الماضى كله بسنواته وأيامه.. آلامه وأحلامه.. انكساراته ونجاحاته، فى رحم حنانك..
وكأنى أولد من جديد.. مع كل طلة نهار استقبله بوجهك.. وكل ليل لا يضاء إلا ببريق عينيك.. ويوم بينهما يبعد بين طرفيه كالمسافة بين الوجود والعدم..
القلوب تتشابه والأمهات.. لكن تجارب الحياة قلما تتقارب
أمى.. يداك لا تزل أرجوحتى تحملنى لفضاء الرحابة والعبث الجميل، وتتلقفنى تلملم جراحى وتداويها.. وكأنها تجربتى التى عشت فيها ولم أعش لها.
أخجل منك، بوجه المرأة التى نالت حظا من الحياة، فأذوب انكسارا من وجه الصبية العنيدة التى وقفت فى وجهك مرارا فى تحد وصل إلى حد الندية فى بعض الأحيان.. لكن القلب الدافئ يثق فى قدرته على لم متبعثرات الأحبة.. وتلك عظمة الأم!!
اليوم أعرف أنك فى انتظارى دون ميعاد، وأن عيد الأمهات لا يعنى يوما مميزا فى أيامك المتشابهة.. وفى الوقت الذى أبحث فيه عن هدية تهدينى أنت تجربة جديدة، فى تلك الصغيرة التى تخطو سنوات عمرها فى ظلك.. وتستمر الحياة بقلب امرأة باتت مثل الأمهات التى تتشابه، لكنها اقتنصت نصيبا أكبر من قلب أبنائها وأحفادها اختيارا.

زينب حسن
22/3/2008