الجمعة، 20 مارس 2009

زواج "تيك أواى"

يوم الاثنين الماضى صدرت فتوى من دار الإفتاء بإباحة زواج المسيار فى مصر بشرط موافقة رئيس الجمهورية على اعتبار أنه "ولى الأمر".. ولعلنا هنا نتذكر الفيلم الساخر "جواز بقرار جمهورى" للمخرج خالد يوسف، الذى قامت فيه الدنيا وقعدت لمجرد حضور الرئيس حفل زفاف أحد أبناء الفقراء فى المناطق التى لا يعلم عنها ولى الأمر شيئا، هذه المرة المفروض أن يوافق الرئيس على الزواج من عدمه..
فعلى الرجل أن يتقدم للرئيس حين يريد الزواج من فتاة فى الغالب ستكون أرملة أو مطلقة أو ضمن طوابير العوانس اللاتى استحال عليهم الزواج فى عصر نظامنا الميمون.. ولكن ماذا إذا كانت إحدى الفتيات الجميلات التى ترغب فى الستر لكنها ومن تحب لا يملكان نفقات الزواج وبالطبع لن يبادر الرئيس بتحمل النفقات، وإن حاول سيقنعه معاونوه ألا يفعل وإلا توافد الملايين عليه من الطامعين والنصابين.
وإذا تساءل الرئيس ما الذى يدفع هذه الفتاة الجميلة لكى تتزوج وتسقط جميع حقوقها بلا سكن أو نفقة، من المؤكد أن المعاونين سيقنعوه أيضا بأن هذا آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة فى الزواج، وقد نجحت التجربة فى كوالالمبور وجزر الكاريبى وحتى فى جزر القمر!
وبعيدا عن السخرية على شر البلية نعود إلى ذلك الزواج الذى أباحته المجتمعات الخليجية المكدسة بالعمال الأجانب كثيرى السفر والتنقل، وحتى يعصموا أنفسهم من الوقوع فى الخطأ يتزوجون فى البلد الذى يقيمون فيه وتظل الرابطة الزوجية قائمة حتى يعودوا إلى بلدانهم، لكن إباحة زواج المسيار فى مصر يعد اعترافا صريحا بجملة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التى نعانى منها وأدت بنا إلى أزمات السكن والبطالة وارتفاع نسب العنوسة بين الشباب مما يدفعهم إلى هذا الزواج الذى يظل الزوجين كل فى بيت أهله.
ويأتى هذا الزواج المسيار ليكمل سلسلة زيجات "التيك أواى" كالزواج العرفى و"الفريند" وزواج الدم، تلك التقاليع التى ابتكرها الشباب للتنفيس عن شحناتهم العاطفية والجنسية، ورغم أن هذه الزيجات حللها بعض علماء الدين، إلا أن الحملات الإعلامية الشرسة عليها ربما أتت بنتيجة ما فى الحد منها، فتأتى دار الإفتاء المصون ومن قبلها شيخ الأزهر الحالى سيد طنطاوى ليحلون زواج المسيار الذى يعطى لهؤلاء الشباب رخصة المأذون، رغم معارضة علماء كثر كان على رأسهم الشيخ الجليل جاد الحق على جاد الحق الذى قال أنه يساوى زواج المتعة وكلاهما حرام.

والسؤال الآن كيف لنا أن نقبل مثل هذه الفتاوى التى تحلل لنا كل ما هو حرام ومكروه لخدمة أولى الأمر؟.. وإلى أين سيصل بنا الحال مع الاستمرار فى بناء منظومة التفكك التى طالت كل شئ فى حياتنا؟ وهل أصبح كل شئ مباح بسبب هذا المعلون المسمى الفقر، وكيف تتكون أسرة سليمة وأبناء أسوياء حيث لا سكن ولا مودة ولا رحمة ولا حقوق؟.. الله وحده يعلم!

زينب حسن
20/3/2009