"لا تكتبينى".. هكذا همست، ظللت تقاوم وأبيت أن أنصاع لها.. فمن حقى أن أكتب وعليها أن تسمع.. وإذا كانت جمرة فسأقبض عليها.. لا لأكتوى بها، بل لأطفئ صرخة كتمتها هى، وسارت فى روحى كبركان ثائر.
سأكتبك كما اعتدت أن أفعل، ولن تتعبنى الشوارع التى شوهتها أيادى الضياع، وعبثت بالملائكة الصغار ليسكنهم شيطان غادر، قضى على براءتهم وصاروا قتلة!
سأكتبك بوجوه الطيبين المكسوة بغلظة صنعتها أيام عيش ضنين.. سأكتبك بالبيوت الصامتة المسكونة بالخوف، وأبدا لن يجعلوك جثة هامدة بين جثث أطفال الشوارع الملقاة فى الطرقات والكهوف النتنة.
اقس كما تريدين، وسألتزم حبك وأسعى لرضاك، رغم بخل عطائك.. سأظل جديرة بك وستظلىن أنت صابرة علىّ.. وإن كانت ثمرة أيامك الموت فأنت الساق والجذر والأرض الطيبة، ويكفينى منك ذات لا تعرف الثورات الخائبة والأحلام الوهمية.
دعينى أذوب فيكى لأعرف من أنا.. أبدا لن تكونى مهزومة فى بئر الكرامة المنهوب والطفولة المشردة، والأموال القذرة، وأطنان القمامة فى الطرقات.
هكذا يريدونك.. لكن طوق نجاتك فى وجعك، فدعينى أضغط على الجرح واصرخى لنسمعها كلنا، حتى يلتصق القريب، ويدنو البعيد.. نجيب عن الأسئلة العصية.. ونفيق من نوم الأحزان.. ونلقى بأثقال الزمن المهزوم.. وإن كنت المحال، فدعينى أغامر كالعنقاء لنصنع الأسطورة.
من الظلم والفقر والجوع والأوجاع الدفينة والمعلنة سنشق فيضا جارفا يصحح الموازين المختلة.
كنت ولاتزالىن وستظلى أنشودتى فى الحب والعدل والحرية، فتعالى نعبر معا جدران الجسد المفتوح، لنكشف عن موطن العطر ونحيى الورود الذابلة العطشى، ونزيح الستار ليظهر النور.
ومرحى.. مرحى بالفراشات.. حتى إن جاءت لرشف العطر وإخماد نيرانك، فلن تخدعنا الألوان الزاهية عن رؤية الزيف فيهم.. وسنقتص من الخونة والظالمين والفاسدين.
ستعبرين.. ثقى ستعبرين.
فهل لاتزالين تصرين ألا أكتبك؟!
ستعبرين.. ثقى ستعبرين
ردحذف