الاثنين، 1 مارس 2010

بالصمت علمتنى


ربما لم يحن الوقت بعد لأكتبك كما كتبتني عمراً، لكني في أشد الحاجة لكي أتنفس، أذهب ولو بكلمات قليلة للأحلام التي عشقتك فيها فارساً يصول بصمت حنانه ويجول في قلبي الصغير.

يذهب الكثيرون لنعرف بعدهم كم كنا بحاجة لزمن أطول حتي نقول لهم ما لم تساعدنا الأيام علي ذكره، لكني كنت دوماً أدرك أن دنياي لا تعني شيئاً بدونك..

مثلما كنت تحملني يا أبي، كنت دوماً أحملك عبيراً لأيامي.. سيفاً لمواجعي، حضناً لأماني، يصونني بريق عينيك اللتين لم أحب نفسي إلا فيهما.

لست بحاجة للعودة إلي الوراء، لأنك عصي علي النسيان، فضحكتك الخجولة مازالت قادرة علي أن تلملم أشلائي، ومازلت أتوضأ بصمتك النابض الذي علمني صلاة العصيان علي الانكسار.

مثلما تحملتني يا أبي، احتملت وجعي عليك، حين أشفقت علي من الحزن، وغرست ذراعك من تحت ذراعي لنمشي سوياً في الطرق الضيقة بحثاً عن شفاء لأوجاع جسدك.

طغت روحك علي الألم، فحاولت أن أرتقي لمداها، وما أحسبني قد نجحت، لكني أحاول من أجلك.

يوم غبت عنك استأثرت أنت بالسير في الطريق وحدك، وحينها ودعك محبيك في موكب عرس لم أحضره، وجلست متشبهة بصمتك أستمع إلي تراتيل الأريحية في اللحظات الأخيرة.

حينها فهمت رسالتك.. سوف تعودين لتجديني أفضل..

وها أنا كعهدك بي أكمل المشوار حتي ألتقيك، ذهبت وحدك حتي لا تحملني وجعاً آخر من أوجاع الوداع التي كنت تضمني فيها إلي صدرك، فتطيب نفسي وترضي لا لشيء إلا لأنك معي.

بالأمس أمطرت السماء علي غير عادتها سيولاً وثلجاً تلقفتها بيدي، وردد قلبي دعوة إلي الله لك بالرحمة والمغفرة.. فإذا بك تأتيني حلماً وترفع ثوبك عن يديك، وتقول: انظري ها قد طابت يا حبيبتي الجراح.

من جديد تحملني يا أبي، فطب واهدأ بالاً علي صغيرتك حتي نلتقي..


زينب حسن
1/3/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق