أعجبتني الفكرة ورحت معها بعيداً لأمتلك مثله قطعة طباشير سحرية أرسم بها عالمي الخاص.. الأحلام الكثيرة تستعصي أحياناً علي الخيال، لكنني حسمت أمري وقررت الهروب ولو بالطباشير إلي هذا العالم الذي يسكنني، وأصبحت الرسوم هوايتي اليومية.
رأيتني أجري فوق تلك الرمال الفضية التي ينعكس عليه ضوء القمر، فتلامس قدماي مياه البحر المتوسط من خلف جبال الأطلس في الشمال الجزائري، تداعبني لمستها الباردة، لا شيء حولي سوي صوت النسيم متشابكاً مع هدير الأمواج، فأرقص وأقفز لأري عن بعد كيف تشاركني أوراق نخيل العراق الرقص فرحاً.
وفي قفزة أعلي أصعد علي أحد جبال لبنان في الربيع حين تنضج أشجار الآرز.. فأجلس أتأمل روعة صمودها وأختلس النظر لأسمع صمتها الذي يرميني بخفة في ذلك البيت الدمشقي القديم.. أتمدد علي جلسته العربية في الصحن المكشوف، وتنفذ أشعة الشمس بين ثنايا ملامحي، وتعطيني سمرة أحبها أدفء معها الروح التي هاجرت من أرضها إلي أرضها لكي تنعم بالصفاء.
ومن البيت إلي شوارع القاهرة تقذفني خطوط الطباشير الملونة في الليالي الساحرة التي تضيء البيوت الصامتة، أعبر فيها بقلوب الناس الحالمة بالتغيير من رصيف إلي ميدان حافية القدمين، لأنسي ذلك الجسد المكبل بالزمن.. لا أعرف هل أتنقل بالخطوات أم أطير؟
تلمسني الشوارع والبيوت وأحلام الناس فأحملها معي إلي أعلي قمم جبال عمان بالأردن، وألمح من فوقها قبة الصخرة وبيوت القدس وجوامعها وكنائسها ومعابدها.. ها هي قريبة.. كم أتمني أن أخطو فوق ترابها المقدس وأذوب بين حباته بلا عودة.
يا الله.. ما هذا السحر؟.. أسأل نفسي أهو خيال الأحلام أم أنها الأماني العصية التي لا أعرف من فينا يسكن في الآخر.
وهكذا استغرقتني الفكرة حتي اتحدنا سوياً لنرسم ونحلم ونتمني.. عشقاً في الأحلام وذوباناً في الأماني وهياماً في الحب الذي فطرني علي الإيمان بأننا لدينا ما هو أكثر من الخيال لكي نكمل المشوار.
زينب حسن
8/3/2010