قالت: لا تذهب
قال: مضى زمن الخنوع والاستسلام
قالت: أخاف عليك من الموت
قال: الموت فيك حياة
بكت فمد يده يمسح دموعها، وعلى كفيها طبع قبلة وداع.. مضى يجر أحلامه التى كانت أكبر من أن يكومها على وسادة، وأبقته ساهرا يجمع أوراقه، ويراجع ما بها من شعارات أعدها لمظاهرة الغد.
فى المسافة بين القلعة وعابدين ارتوت أنفاسه بحرارة الشروق الدافئ فى يوم شتوى من شهر ديسمبر، وعلى وجه الصابحين عرف أن اليوم موعده مع لحظة انفجار بركان غضب مكتوم لسنوات طبعت ملامحها على من يزرعون الأرض ويروونها، من يديرون المكن ويحفظون لهذه الأمة حاضرها، وفى فنايا كفوفهم كتب مستقبلها.
ما هى إلا ساعات واحتشدت الجموع على كلمة واحدة "تعيش مصر حرة مستقلة" "لا لتغيير الدستور أو تعديله يسقط الملك" صوبت البنادق إلى الصدور المحتقنة، واندفعت الخىالة المرتزقة لتفريق الجموع، وارداء ما تستطيع من بشر.
فى لحظة الموت تبدو الحياة وردة تفتحت للتو، يخشى عليها من النسيم العابر، فكان هروبه لنجاة لم يطمع فيها ولكن أقدامه كانت أبقي على الحياة منه، فهرولت كالبرق مندفعة إلى الحارة الضيقة، واندفع غير عابىء إلى البيت القديم، ليجد نفسه فى حجرة مظلمة، بدت له كأنها الجنة، فسكتت الأنفاس المتهدجة، حتى خفتت الأصوات بالخارج، لينعم بطمأنينة عابرة ليغلب النعاس جفنيه ويغط فى نوم عميق على صوت الجموع الصارخة استيقظ ليبدأ نوبة عصيان جديد، وسبقته الأقدام إليها مشاركا متحمسا.
الوجوه نفسها كما كانت بالأمس، وما إن تسربت له الحسرة من قلة المتظاهرين حتى تساءل متعجبا: أين أنا؟.. فقد سمحت له عشوائية التحركات من حوله أن يلتفت للمكان.. أسوار وأسوار أعداد لا حصر لها من جند وعربات لم تكن كتلك التى كانت بالأمس.. أين الخيول؟.. وما أسماء هذه المحلات.. وما تلك السيارات الفارهة المارة دون اكتراث؟
"لا لتعديل الدستور" جاءه الصوت من أحد الواقفين جواره، فتأكد أنه يغط فى حلم عابث عبر به إلى المستقبل، وتحديدا فى يوم 26 مارس 2007 الذى لمحه مكتوبا على اليافطات المرفوعة وسط المظاهرة.
ولكن أى مستقبل هذا والناس هم أنفسهم.. الجلابيب والوجوه الكادحة من طلبة وعمال وفلاحين.. لم تمهله عصا الجنود فرصة للاستغراق أكثر من تساؤلاته، فما إن رددت الجموع "يسقط مبارك" حتى سابقته أقدامه هربا إلى الحارة وذات البيت ونفس الحجرة.. خمسة وثمانون عاما بين أمسه وصباحه.. كأهل الكهف مضى هاربا وعاد هاربا.. فإلى متى سيطول الهروب؟!
قال: مضى زمن الخنوع والاستسلام
قالت: أخاف عليك من الموت
قال: الموت فيك حياة
بكت فمد يده يمسح دموعها، وعلى كفيها طبع قبلة وداع.. مضى يجر أحلامه التى كانت أكبر من أن يكومها على وسادة، وأبقته ساهرا يجمع أوراقه، ويراجع ما بها من شعارات أعدها لمظاهرة الغد.
فى المسافة بين القلعة وعابدين ارتوت أنفاسه بحرارة الشروق الدافئ فى يوم شتوى من شهر ديسمبر، وعلى وجه الصابحين عرف أن اليوم موعده مع لحظة انفجار بركان غضب مكتوم لسنوات طبعت ملامحها على من يزرعون الأرض ويروونها، من يديرون المكن ويحفظون لهذه الأمة حاضرها، وفى فنايا كفوفهم كتب مستقبلها.
ما هى إلا ساعات واحتشدت الجموع على كلمة واحدة "تعيش مصر حرة مستقلة" "لا لتغيير الدستور أو تعديله يسقط الملك" صوبت البنادق إلى الصدور المحتقنة، واندفعت الخىالة المرتزقة لتفريق الجموع، وارداء ما تستطيع من بشر.
فى لحظة الموت تبدو الحياة وردة تفتحت للتو، يخشى عليها من النسيم العابر، فكان هروبه لنجاة لم يطمع فيها ولكن أقدامه كانت أبقي على الحياة منه، فهرولت كالبرق مندفعة إلى الحارة الضيقة، واندفع غير عابىء إلى البيت القديم، ليجد نفسه فى حجرة مظلمة، بدت له كأنها الجنة، فسكتت الأنفاس المتهدجة، حتى خفتت الأصوات بالخارج، لينعم بطمأنينة عابرة ليغلب النعاس جفنيه ويغط فى نوم عميق على صوت الجموع الصارخة استيقظ ليبدأ نوبة عصيان جديد، وسبقته الأقدام إليها مشاركا متحمسا.
الوجوه نفسها كما كانت بالأمس، وما إن تسربت له الحسرة من قلة المتظاهرين حتى تساءل متعجبا: أين أنا؟.. فقد سمحت له عشوائية التحركات من حوله أن يلتفت للمكان.. أسوار وأسوار أعداد لا حصر لها من جند وعربات لم تكن كتلك التى كانت بالأمس.. أين الخيول؟.. وما أسماء هذه المحلات.. وما تلك السيارات الفارهة المارة دون اكتراث؟
"لا لتعديل الدستور" جاءه الصوت من أحد الواقفين جواره، فتأكد أنه يغط فى حلم عابث عبر به إلى المستقبل، وتحديدا فى يوم 26 مارس 2007 الذى لمحه مكتوبا على اليافطات المرفوعة وسط المظاهرة.
ولكن أى مستقبل هذا والناس هم أنفسهم.. الجلابيب والوجوه الكادحة من طلبة وعمال وفلاحين.. لم تمهله عصا الجنود فرصة للاستغراق أكثر من تساؤلاته، فما إن رددت الجموع "يسقط مبارك" حتى سابقته أقدامه هربا إلى الحارة وذات البيت ونفس الحجرة.. خمسة وثمانون عاما بين أمسه وصباحه.. كأهل الكهف مضى هاربا وعاد هاربا.. فإلى متى سيطول الهروب؟!
زينب حسن
30 مارس 2007
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق