-
عند باب النصر
تبدأ مسيرة المحمل الشريف
-
نقطة التقاء حجاج
مصر والمغرب العربى وشمال افريقيا
-
امتلأ طريق الحج بالمحطات التجارية لتوفير متطلبات الحجاج
-
شكلت "عجرود" سوقا
عربية مشتركة على طريق الحج
- وفي "نخل" بطريق سيناء أقيمت سوق للفواكه
-
حماية طريق الحجيج
وثيقة الاعتماد لحكام المسلمين فى مختلف العصور
-
استعادة طريق الحج
مهدت لصلاح الدين الأيوبي فتح القدس
-
صلاح الدين أوقف
لأمير المدينة المنورة أوقافا بالصعيد لتيسير زيارة الحجاج للمسجد النبوي
-
الفاطميون جعلوا
للحج عيدا أسموه "عيد الحجاج"
-
السلطان بيبرس أول
من أدار محمل الكسوة الشريفة وغسل الكعبة بماء الورد وعلق كسوتها بنفسه
-
شيخ العرب همام أرسل من الصعيد ثلاثمائة جمل ومقدار من
المؤن هدية إلى قافلة الحجيج
- الحجاج المغاربة القادمين من شمال
افريقيا يأتون سيرا على الأقدام لمدة ثلاثة أشهر ويعسكرون في (امبابة) الصحراوية
على البر الغربى للنيل
كتبت – زينب حسن
قد تتحول الأماكن إلى أطلال لكنها تظل عامرة
بذكرياتها، تبتعد عنها الخطوات فتمشى هى إلى سالكيها، تدب عليها الأقدام فتحفر في
النفوس دروبها، صمتها كلام وغيمها نور، رمالها ثنثر العبير، وريحها لا تمل من
اللعب على أوتار القلوب..
تلك هى طرق الحج التى لم تكن مجرد مسالك عبرت
عليها قوافل الحجاج الذين يأتون من كل فج عميق لزيارة بيت الله الحرام، بل هى قصة
أمة لوحدتها تجليات وفي قوتها الكامنة سر
بقائها، فقد أسهمت فريضة الحج فى تقارب ثقافات والتقاء أفكار قبل أن تجتمع على
أداء الفريضة، وشكلت لشعوب تلك الأمة هوية واحدة تحدت الصعاب وتجاوزت الاختلافات،
لتصير أحد الثوابت التى اعتمدت عليها الأمة الاسلامية فى تأكيد وجودها ومصيرها
ومستقبلها.
طريق الحج المصرى القديم يمثل هذا التصور على
مدار 15 قرنا تتابعت عليه الحكايات منذ الفتح الاسلامى لمصر عبر العصور المختلفة،
وشهد أبرز حوادث التاريخ التى كان مسرحا لأهم أحداثها، وحتى الآن رغم تغير معالم
الطريق وتحول بعض مساراته، فالذاكرة لا تنسى صورها على حائط الزمن، حيث تتجلى
خصوصيتها ومواطن تميزها.
نقطة
التقاء
تأتى
أهمية طريق الحج المصرى القديم كملتقى لمجموعة من الطرق الأخرى لحجاج المغرب
العربى والأندلس وغرب إفريقيا برا عبر واحة سيوة ووادى النطرون وكرداسة والجيزة،
أو بحرا من خلال السفن التى كانت ترسو فى الإسكندرية، ويتجهون جميعا إلى منطقة
بركة الحاج بالقاهرة القديمة، وتحديدا عند باب النصر، حيث يتم تجهيز المحمل الشريف
الذى يتحرك سنويا فى شهر شوال، ويخرج الناس للاحتفال بمسيرة موكب الحجيج، بقيادة أمير الحج الذى
يحدد زمن التحرك وأماكن النزول والراحة وإعداد قوة الحراسة وتجهيز المؤن الكافية
والمياه وكسوة جمال القافلة.
وتبدأ الرحلة فى السير حتى عجرود (قرب مدينة
السويس) وكانت أشبه بسوق عربية كبيرة لتبادل البضائع القادمة من المغرب العربى
وافريقيا، ومنها إلى القلزم (السويس) ثم عيون موسى للتزود بالمياه، حتى "وادى
صدر" حيث توجد 3 عيون طبيعية، إلى أن تصل إلى "نخل" بوسط سيناء،
ويعقد بها سوق كبير لفواكه المنطقة وأفران الخبز وتنصب بها خيام للمبيت ويوجد بها
مسجد وقلعة بنيت فى عصر السلطان بيبرس.
وتستغرق
هذه المسيرة حوالى 10 أيام حتى تصل إلى
العقبة وينزلون فى القلعة التى شيدها السلطان الغورى، وبها مخازن للحبوب ومخبز
وبئر مياه ومسجد، ومنها يتجه الحجاج للأراضى الحجازية بمحاذاة البحر الأحمر للجنوب
من حقل، ومدين، وينبع، وبدر، ورابغ حتى
الوصول إلى مكة المكرمة.
وتبعا لذلك امتلأ طريق الحج بالمحطات التجارية لتوفير
متطلبات الحجاج، وكانت هذه الفترة تمثل انتعاشا اقتصاديا وتجاريا للعديد من
الصناعات كالأغذية والملابس فى رحلتى
الذهاب والعودة، التى بنفس الأهمية شكلت معلما ثقافيا تبادل فيه المسلمون ثقافاتهم
وأفكارهم وشكلت بالتبعية مجموعة من المشتركات التى حفظتها هذه الشعوب حتى الآن.
ذاكرة
الزمن
تخبرنا
المصادر التاريخية أن حماية طرق الحجاج وتيسير أسباب الحج للمسلمين، كان أبرز مهام
أى خلافة إسلامية، فالخليفة الفاطمى برر فتحه لمصر ونقل خلافته من المغرب لها عام
358 هـ / 969 م بعجز الخلافة العباسية عن مقاومة الأطماع البيزنطية وانقطاع طريق
الحج وتعطله وعدم استطاعة الحجاج أداء الفريضة.
وفى ذلك يذكر المقريزى بكتابه "اتعاظ الحنفاء بأخبار
الأئمة الفاطميين الخلفاء" أن جوهر الصقلى قال فى أمانه لأهل مصر – وهى من أهم
وثائق العصر الفاطمى "لم يكن إخراجه ( أى الخليفة المعز لدين الله الفاطمى)
للعساكر المنصورة إلا لما فيه إعزازكم وحمايتكم والجهاد عنكم... وآثر إقامة الحج
الذى تعطل، وأهمل العباد فروضه وحقوقه لخوف المستولى عليهم وإذ لا يأمنون على
أنفسهم ولا أموالهم، وإذا قد أوقع بهم مرة بعد أخرى فسفكت دماؤهم، وابتزت أموالهم،
مع اعتماد ما جرت به عادته من صلاح الطرقات وقطع عبث العابثين فيها، ليتطرق الناس
آمنين، ويسيروا مطمئنين".
ولعل في سيطرة الخلافة الفاطمية على إرسال
كسوة الكعبة وتولي أمير الحج المصري لحماية الحجيج وطريق الحج وطاعة أمراء الحجاز
والخطبة للفاطمين بالحرمين من أعظم مفاخر الفاطميين، حتى أنهم استجدوا لهذ الشأن
عيدا عرف بـ"عيد الحجاج".
وبعد استعادة نفوذ الخلافة العباسية على طرق الحج وتأمينها
فى الشام والعراق ومصر، بدأت مرحلة جديدة فى التعامل مع مسيرات الحجاج، ففى مصر
ألغى صلاح الدين الأيوبى الرسوم التى أقرها الفاطميون على الحجاج، بل زاد أن أوقف
على أمير المدينة المنورة الأمير جماز وأولاده أوقافا بصعيد مصر، لإنفاقها على
الحجاج وتلبية متطلبات زيارتهم للحرم النبوى، وهى أوقاف محفوظة وثائقها بالمحكمة
الشرعية وسجلات مصلحة الشهر العقارى
الموجودة فى دار المحفوظات المصرية الوثيقة رقم 668.
وفيما يتعلق بتأمين طريق الحج فمن المعروف أن الأمراء
الصليبين أدركوا أهمية الحج فى تحقيق الوحدة الروحية وتوثيق الروابط الاجتماعية
والفكرية بين المسلمين، فلجأوا إلى مهاجمة قوافل الحج والتجارة المصرية المارة عبر
سيناء فى طريق الحجاج، مما أدى لتعطل تدفق الوافدين من حجاج الأندلس والمغرب،
واضطرارهم إلى تغيير مسارهم من الاسكندرية إلى الفسطاط ثم قوص بصعيد مصر، ومنها
يسيرون فى صحراء عيذاب، حتى يصلوا إلى ميناء عيذاب على البحر الأحمر، ثم يركبون
السفن الصغيرة المعروفة بـ "الجلاب" حتى ميناء جدة. وعن معاناة الحجاج
فى هذا الطريق البديل يقول ابن جبير فى (الرحلة): "كان آفة للحجاج
عظيمة" وسمى ميناء عيذاب بـ "العذاب"..
وكان قطع الصلييبين لطريق الحج البرى عبر سيناء قد تم لهم
بعد استيلائهم على حصن الكرك، مما جعل استرداد هذا الحصن من أهم أولويات صلاح
الدين الأيوبى بعد أن استقل بالسلطنة فى مصر عن نور الدين محمود، وكان أول غزوة له
ليؤمن طريق الحج البرى بعد انقطاعه، ولقد أوضح عدد من المؤرخين أن موقعة حطين التى
كانت إرهاصا لفتح بيت المقدس سببها قطع أرناط صاحب الكرك لطريق الحج والتجارة مما
جعل صلاح الدين يهدر دمه.
وبعد فتح القدس حاصر صلاح الدين حصنى الكرك والشوبك عام
583هـ وذلك لقطع الفرنجة طريق الحج واستعصى عليه فتحهما إلى أن استسلمت صاحبة
الحصن، كما كانت أول حملة بحرية للأسطول المصرى الأيوبى عام 566هـ لتفتح قلعة أيلة
(العقبة) على البحر الأحمر وذلك لتأمين طريق الحج والتجارة أيضا.
يذكر فى هذا الصدد أن حملة أرناط البحرية ومحاولتها الوصول
إلى الأراضى الحجازية واختطاف جثمان النبى صلى الله عليه وسلم تأكيد على أهمية حج
المسلمين وزيارة قبر المصطفى بالمدينة المنورة، كما أنهم قاموا بمهاجمة قوافل
الحجاج وسرقتها وقطع المياه عنهم، لذلك لم يكتف حسام الدين لؤلؤ قائد الأسطول
المصرى فى أسر جنود الحملة بل جاء بهم إلى القاهرة يجرون أذيال المهانة والمذلة
ليكونوا عبرة لغيرهم من الفرنجة، ثم أرسل بعضهم إلى المدينة المنورة ويصف ابن جبير
مشهدهم قائلا: "ذبحوا ذبح الإبل".
من هنا نرى أن طرق الحج اكتسبت أهمية استرايجية لتأمين
مكتسبات وفتوحات المسلمين من أيدى الصليبيين، لذلك كان من الطبيعى تأمين هذه الطرق
وتنميتها بما يخدم الحجيج وكذلك أمن البلاد وتجارتها بشكل عام، فأنشأ صلاح الدين قلاعا حربية مثل "قلعة
الجندى" بوسط سيناء و"قلعة باسمه" بجزيرة فرعون فى طابا. وليس أدل
على أهمية تأمين طريق الحجاج ما صرح به العماد الأصفهانى فى كتابه (الفتح القسى فى
الفتح القدسى) من أن تأمين طريق الحج إلى مكة كان من أهم دوافع صلاح الدين لفتح
بيت المقدس واسترداده من الصليبيين..
يقول العماد: "أنا استفتحنا سنة 584هـ بقمع
أهل التثليث وكنا أشفقنا على طريق الحج، من قصد الفرنج فشغلناهم عن القصد بقصدهم،
وتصلينا لجهادهم وبردهم عن المراد وصدهم، وأقمنا بظاهر بصرى مخيمين على سمت الكرك،
وقدمنا الطلائع إلى المناهل، ونظمنا سلك إمدادهم فى ذلك المسلك حتى وصل الحاج
سالما، وذل الكفر عن قصده راغما.
على هامش
الطريق
تتواتر
الأحداث وتزداد أهمية طرق الحج على أصعدة شتى دينيا وأمنيا واستراتيجيا، لذلك رغم
تعاقب عهود الحكم وتبيانها فى إدارة شئون البلاد، لكن ظل المشترك فيما بينها هو
الحرص على حماية فريضة الحج وتأمين طرقها كركن أساسى فى حماية قوام الدولة، فلا
عجب إذن أن يتهافت الحكام على توطيد مكانتهم وتسجيل أسمائهم فى التاريخ من خلال
مآثرهم فيما قدموه لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
وقد أجمع
الفقهاء المصريون الذين ألفوا كتب الأحكام السلطانية والسياسة الشرعية فى العصر
المملوكى أن تأمين طريق الحج من أهم الواجبات الشرعية التى يلتزم بها السلطان
المملوكى، فيقول خضر بن أبى بكر فى كتابه (المناقب المعزية) عن أمير الحج:
"ينبغى له (أى السلطان) أعزه الله أن يقيم شعار الحج فإنه من أركان الإسلام..
وليؤمر عليه أميرا وهى ولاية سياسية وحراسة، ومن شرطه أن يكون مطاعا ذا رأى وشجاعة
وهداية، عارفا بمناسك الحج وأوقاته، وأن يجمع الناس ويرتبهم ويرفق بهم ويحميهم،
ويصلح بين المتنازعين فيهم.
ويقول
عبد الصمد الصالحى فى كتابه (هدية العبد القاصر إلى الملك الناصر): "وأما
إصلاح طريق الحاج فينبغى للملك أن يتعهد ذلك فى كل سنة بعمارة البرك فى الطريق،
وتطرق الماء إليها ونزح الطين من الأعين، وتمهيد ما فى الطريق من الوعر، وتسهيل
ذلك وتوسيع المضايق وبناء العلائم (أى العلامات الهادية فى الطريق) ويصرف على ذلك
من مال الخراج والجزية وما يهديه أهل الحرب إلى الملك".
وكان بعض ملوك البيت الأيوبي يتولون بأنفسهم
نيابة عن سلطان مصر منصب إمارة لواء الحج المصري، ومن بعدهم ظل سلاطين المماليك
على نفس النهج في إرسال كسوة الكعبة من مصر، وكان السلطان بيبرس بعد نقله لمقر
الخلافة العباسية للقاهرة أول من أدار محمل الكسوة الشريفة، وحج بيبرس عام 668 هـ
ورتب أموالا سنوية لأميري مكة والمدينة وأوقف لهما أوقافا في مصر، لرفع كافة
الضرائب عن الحجاج، وطلب أن يخطب له على المنابر، وبعد أداءه الفريضة غسل الكعبة
بيده بماء الورد، وعلق كسوتها بنفسه، ومن
هنا أصبح محمل الحج المصري رمزا للسلطان وحمايته للحرمين الشريفين، وارتبط اسمه
بهما، فظل أهم لقب يتفاخر به سلاطين المماليك ويتوارثوه هو "حامي حمى الحرمين
الشريفين".
وكالإرث
الثمين تولى الحكام العثمانيون مهمة حماية الحج وطرقه، ووضعوا لهذا قواعد كانت
تخرج فى شكل فرمانات من الباب العالى، يذكر عبد الرحمن الجبرتى فى كتابه (عجائب
الآثار فى التراجم والأخبار) أن أمير الحج يلتزم بتدابير ستمائة جمل وكمية محددة
من المؤن الكافية للحجاج، وذلك قبل ثلاثة أو خمسة أشهر من مغادرتهم للأراضى
الحجازية، حيث ترسل عن طريق العربان إلى القلاع والمحطات على طريق الحاج، وتكون كل
الإمدادات جاهزة قبل شهر من رحيل القوافل، وبالإضافة لذلك يرسل شيخ العرب همام من
الصعيد هدية إلى قافلة الحجيج عبارة عن ثلاثمائة جمل ومقدار من المؤن يتسلمها أمير
الحاج.
ويضيف:
"يتحكم أمير الحج فى قوة مدفعية تتراوح ما بين أربعين وخمسين مدفعا كبيرا،
وخمسة عشر مدفعا صغيرا ومائتين من خاصته، وكذلك عدد من السردارية (درجة عسكرية)
يعينون تحت قيادتهم عدد من الجنود يصلون إلى المائتين ينضمون لقافلة الحج، هذا
بالإضافة إلى مائتى فرد يحضرون إلى مصر من الأناضول والروملى مدفوعين برغبتهم فى
خدمة قافلة الحجاج، وينضمون كرماة بنادق، وذلك فى مقابل جنيه ذهب شهريا، وعلى مدى
ذهاب القافلة وعودتها التى تستغرق ما يقرب من مائة يوم، يعطى أمير الحج لكل رجلين
منهم بغلة أمانة يركبانها بالتناوب، ويحصل كل واحد على نصف أوقة (قياس ميزان) من
البقسماط وكمية كافية من الماء.
أما
فقراء الحجاج المغاربة القادمين من شمال افريقيا والذين لا يركبون السفن، فيأتون
سيرا على الأقدام لمدة ثلاثة أشهر(بسبب تعاليم المذهب المالكى الذى يفرض أن يكون
فى الحج مشقة للبدن) يعسكرون عدة أيام فى قرية (امبابة) الصحراوية على البر الغربى
للنيل فى مواجهة بولاق، ومعظمهم يحمل بنادق جزائرية طويلة يستخدمونها بنفس مهارة
عسكر الأرناؤط (الألبان) وعددهم يزيد على الثلاثمائة رجل، وقد اعتادوا الرحيل من
مصر والوصول إلى مكة قبل حجاج مصر بيوم واحد ليكونوا من أوائل طليعة الحجاج الواصلين لبيت الله، وهم ذو طبيعة
حربية ولا يحصلون على أى رواتب أو مساعدات من أمير الحج المصرى.
ويذكر
الجبرتى أن طريق الحج كان يشهد أيضا نقل الغلال إلى الحرمين الشريفين، وكانت ضريبة
الغلال تجمع من كل قرية وتحمل فى المراكب النيلية وتسلم فى مواعيدها إلى شون
الغلال الميرية فى منطقة (مصر عتيقة)، وكل أردب منها يزن مائة وثلاثين أقة،
و"الربعة" اسم المكيال الذى يساوى 24 منها أردب واحد، ويبلغ مجموع غلال
الحرمين وغلال الميرى ثلاثمائة وستين ألف أردب، يرسل منها أربعة وأربعون ألف أردب
للحرمين الشريفين، وأربعة عشر ألفا تخصص لحكام مصر، والباقى يوزع على رجال الدين
والعلماء والأئمة والفقراء والتكايا والنساء والأرامل والجنود.
حتى لا
ننسى
شهدت
السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بطريق الحج المصرى بعد توالى اكتشاف جانب من معالمه
الأثرية التى امتزجت بأسماء وشخصيات ووقائع شكلت جزءا هاما فى التاريخ المصرى
والاسلامى، ورمت بظلالها على ثقافة المجتمعات العربية والاسلامية وتراث كل منها
الذى ارتبط بأداء فريضة الحج، لذلك تجددت الدعوات من الباحثين وعلماء التراث
لإحياء هذا الطريق والحفاظ على معالمه.
وقد
تضمنت مشروعات تنمية سيناء على مدار الثلاثة عقود الماضية خططا لإحياء طريق الحج
الذى مازالت بعد مساراته ممهدة لعبور السيارات وعلى جانبيه معالم لمحطات وقلاع
الطريق القديم التى بناها الملوك فى مختلف العهود لتقوم على خدمة الحجيج فى
مسيرتهم ذهابا وإيابا، وتشمل هذه الخطط إقامة المتاحف للآثار والأبنية وإقامة
محطات تجارية وخدمية وفنادق ومصانع للأغذية والملابس وأسواق لهدايا الحجاج على
غرار ما كان يقام أثناء مرور قوافل الحج، بحيث لا تقتصر على المنتجات المصرية
فحسب، بل على المنتجات العربية والافريقية وشبه الجزيرة العربية، وهو ما يتيح فرص
عمل كبيرة للشباب، فضلا عن البعد الأمنى والاستراتيجى لتلك المنطقة الحدودية
الهامة لمصر. كما أن تمهيد الطريق وتنميته على هذا النحو سيسهم إلى حد بعيد فى
تيسير أداء الفريضة على الحجاج الذين يتعذر عليهم السفر بحرا أو جوا..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر فى جريدة النحرير يوليو 2014