الاثنين، 27 يوليو 2009

من أين لك بك؟


إياك وأن تحسب هذا تلعثما بل هو الاتزان كما يكون وكما لم يكتب من قبل، فأي كلمات يمكن لامرأة أن تخرجها لتعبر عنك، فأنت أشبه بالمعني الذي لم يكتبه أفلاطون في مدينته الفاضلة، نعم أنت رابع الحق والخير والجمال، فيا ويلي وأنا معك تضيع الأفكار وتهرب مني المعاني، ولا أملك فيها أي إرادة، هي ذاتها التي تتكوم وترتكن بعيدا عني، هي ذاتها التي عجزت عن مجاراتك، وتشعر كم هي ضئيلة فتهرب وتتركني أمامك كما تراني..
وسماء أحلامي الجميلة، معك أصبح ذلك الكائن الأسطوري الذي جاء توا من عالم الأشباه كما صوره الفلاسفة، ليكتشف حين يراك أنك باطن الحقيقة، وما عداك أشباه أشياء، أشباه بشر، أشباه كلمات، أشباه....انتظر ولا تتهمني بالمبالغة، فأنا الآن أعيش تحت ظل سمائك..سماؤنا وحدنا، حيث لا ظل غير ما نحمله من رهافة وعذوبة ورقة، تذيب الفراق وتمحو الخصام، وننتقم من أثقال العالم حين نرميها علي عتبات اللقاء.هل تعرف أن كل لقاء معك يكون فاصلا زمنيا وشعوريا بين حالين في حياتي، وكأني كل مرة أذهب إليك لأغتسل من همومي وأفكاري وهواجسي، فلماذا تعاتبني علي شذوذ أفكاري حين تكون لست معي؟لا تلمني إذا هزمتني الوحدة ومزقني الحرمان، وصارعتني صغائر البشر، ولا تخجل أن تأخذني بين أحضانك حين تغلبني الدموع، فقربك يطهرني ويخلقني من جديد لأتصالح وأتسامي وأفرح..... فلا معني للفرح إن لم يكن منك وبك ومعك.آه لو أستطيع أن أخبئك داخلي يا ليتك معي الآن حتي تعرف ما لا تستطيع كلماتي أن تسطره لك.كل الكلمات تحدثني عنك، فأنت أرضي ولا زمان لي إلا معك.


زينب حسن

27 يوليو 2009

الاثنين، 20 يوليو 2009

المعلم زينهم

مصر النبيلة تصارع مصر التي يريدونها خسيسة.. فهل تنتصر؟

بطعم العشرة وروح الجدعنة ومرارة الفقر وصدمة الفقد وقف المعلم زينهم علي مسرح حياتنا يرقص علي أوتار أوجاعه وأوجاعنا.
من جديد يعاود الفنان المبدع خالد الصاوي لعبته في نحت ملامح شخصياته من رئيس التحرير في «عمارة يعقوبيان» ومطرب الدرجة الثالثة في «كباريه» إلي المعلم زينهم في فيلم «الفرح» يقتطع الصاوي جزءا أصيلا من قلب ووجدان هذا الشعب الذي لايزال يحمل من النبل ما يجعله قادراً علي البقاء.
زينهم الذي اختصرت أحلامه في شراء ميكروباص لجأ إلي إحدي جمعيات تنظيم الأفراح التي ابتكرت هذه التقليعة لجمع النقود لترد بنفس الطريقة، ورغم الأكاذيب التي تحيط بالأمر وتصل إلي حد استئجار عروسين للفرح إلا أن الاستعدادات تتم بمشاركة الجميع تحت مظلة من الشرعية سبيلاً للتحايل علي الفقر الذي بات ضيفاً دائماً في بيوت الغالبية العظمي من المصريين.
وفي زمن يبيع فيه الإنسان أعضاء جسده من أجل المال، وقف زينهم يرقص حاملاً «سنجة» الفتوة رغم موت أمه التي رحلت وهي غاضبة عليه لأنه استقدم للفرح راقصة وسمح بشرب البيرة، ومع مرارة ندمه بموتها قبل أن تسامحه، أقنعته شلة المنتفعين بأن يستكمل الفرح ليجمع ما يريده وما يريدون من مال.
لحظة قاسية امتزجت فيها الشدة باللين، العنف بالحنان، الحزن بالفرح، القوة بالضعف، لم يكن ليجسدها سوي خالد الصاوي.. الذي أغمض عينيه في سكينة وكأنه يكشف عن أحوالنا التي ترغمنا علي إظهار غير ما نخفيه، نتلون بحسب الطلب، وعلي قدر المنفعة تبرر الوسيلة مهما بلغت قسوتها وخستها.
يتقطر الألم جرعة جرعة خلال ساعات الليل القليلة حين لملمت زوجته أولادها وكومتهم مع صرة ملابسها وهي تتحسر علي حبها لهذا الرجل الذي لم يحترم موت أمه، وتطلب منه الطلاق، لأنه من ليس له خير في من أنجبته، لن يكون له خير فيمن أنجبت أولاده.
وبلطمة علي خده يسكب زينهم أحزانه علينا حين تضيع شنطة الفلوس التي جمعها في الفرح معاتبا الدنيا قائلا: إيه.. مش لاقيه غيري ولا إيه؟!
ورغم ثقل الأحزان لا ينسي ابن البلد الجدع الذي فقد كل شيء أن يربت علي يدي الراقصة التي انهال عليها ضرباً حين امتنعت أمام جسد أمه عن الرقص، ويرد لها نقودها طالباً المغفرة «حقك عليا».
وهكذا انقلب الفرح عزاء، وتنفض الدنيا عن زينهم الذي وقف وحيداً في مشهد النهاية الذي يوجه لنا ما يشبه السؤال: ماذا لو لم يكتمل الفرح مع موت الأم، هل سيكون باستطاعتنا مراجعة أنفسنا لنتخذ الموقف الصحيح؟.. هل نترك أحزاننا لتخرج في وقتها دون أن تقتلتنا ندما وكمداً؟.. هل نمسك اللحظة التي نعطي فيها لأحبائنا ما يستحقون من حب وتقدير قبل فوات الأوان؟..





زينب حسن


20/7/2009

الاثنين، 13 يوليو 2009

ريحة الحبايب


دلوقت أنا بألعب استغماية مع أصحابي في الحارة، كيلو بامية القطة العامية.. وأطلع أجري بسرعة أشرب من قلة جارتنا أم وردة، واستخبي في دكانة عم عبدالرءوف.. وارجع بيتنا اقعد علي الكليم المنقوش ابص علي سقف صالتنا العالي واسرح في عمدانه الخشب، وانحت أحلامي حتة حتة علي بياض الحيطان القديمة ولما يغلبني النوم احس بايد أمي بتشلني وتحطني علي السرير..ياااااه ما أجمل هذه الأيام التي حملتني رصيدا من الفرح والنقاء والبراح مازلت أرتكن عليه حين تضيق علي الدنيا بلهثها وعبثها وشقائها.. هذه المرة عدت إليها دون عبث أو شقاء
أو ضيق، حين أسعدني حظي بالعثور علي مدونة الشاعر الرائع أمين حداد "ريحة الحبايب"، فمنذ زمن لم يطيرني الشعر وتخطفني كلماته كما فعلت قصائده الرائعة التي تشتم فيها رائحة العمالقة فؤاد حداد وصلاح جاهين وعبدالرحمن الأبنودي، هؤلاء البارعون الذين أسكنونا مصر التي نحبها، في الحارة والغيط والمولد بين الناس الطيبين.. ومن جديد يأتي أمين حداد بقصائده الجديدة والقديمة ولغته العصرية خفيفة الظل عميقة المعني ليفتح طاقة حلم وأمل بأن مصر التي نعشقها مازالت حاضرة، حين يقول في قصيدة "بسملا": أنا مستمر في حياة ماشية بمجدافين.. مجداف من الماضي ومجداف من المستقبل وخيالي بيحوم حوالي وباحوم حواليه.. رقص باليه ولكني - علي رأي صلاح جاهين - عجوز متصابي وممكن تقول عني كمان إني مرابي باسلّف مشاعري وأحزاني علي شكل قصايد.. وبترجع لي قصاصات في جرايد.. وتعليقات علي الإنترنت.. وابتسامات ودموع.. ودواوين شعرية بتنام علي السرير جنبي.. وطول الليل تفكرني بذنبي.. وهكذا يرشدنا أمين إلي عالمه الذي حين نطل عليه كأننا نقرأ أنفسنا ونتنفس معه نسيم ربيعنا مهما طال خريف الأيام، فما أروعه في قصيدة البيوت التي يكتب فيها ما يشبه الوثيقة عن بيوتنا القديمة، وحتما سيجد كل منا مكانه وسنظن أنه عاش معنا يوما بيوم وشاركنا أدق التفاصيل، ومن الزتون للحلمية والإمام والعمرانية والبساتين وعين شمس وقصر النيل وبيوت الفلاحين وفي السطوح والبدروم كأنه يبحث معنا علينا وعلي أهلنا وجيراننا وأصحابنا "بيوت كتير الزمن خلاها تشبه بعض.. أفضل ألف عليها وادق علي البيبان وأنادي ما حدّش يردّ علي.. حابقي آجي في وقت تاني يكونوا رجعوا بالسلامة إن شاء الله.قصائد كثيرة علي مدونة "ريحة الحبايب" كنت أتمني أن تسعفني المساحة لأكتبها جميعا وأحكي عما فعلت بي "سبت الغسيل" وأحلام العصافير" و"أفكار ومشاكل" و"بالعبري الفصيح" و"حدودك كده" و"رسم".. وكلها لم أنقطع عن قراءاتها طوال الأيام الماضية، وكلما غصت فيها أكثر أعود لأيامي الحلوة، وفي كل مرة يرافقني فؤاد حداد وأراه ينظر لولده وتملأ عينيه دمعة فرح ويقول "الله يفتح عليك يا بني"..


زينب حسن

13 يوليو 2009

الاثنين، 6 يوليو 2009

هو وهى


هو: كنت أشكو من جنون يتملكني ساعة العصر، ثم خمد جنوني فأصبحت أشكو من افتقادي له.. وها قد عاد علي يديك، فكوني علي قدره ولا تفري من المواجهة.. ستندلع مشاعري مثل حريق يأكل عشبي الذي راحت نضارته، وثمة نعناع كثير سينبت من قلب الحريق.. خذي كل هذا الحزن وكل هذا القلق.. خذي كل هذا الحب.

هى: وأنا كفرت بالعقل، فلماذا لا أطلق تلك الروح الخامدة فراشة تحوم حول نيران الحب، أياً كان الحب، عاقلا أو ماجنا.. حتما فيه النجاة.. لعن الله الخوف، فكن رباني وبحوري ومرساي، واقسم قلبي مجدافين للإبحار بها، وحين تهن اليد، اعتصره سائلا للحياة كي تهدأ الفراشة، وحين تحن لنزقها ستنزل القوة عليك كوحي يبث إليك دين الحب لتبحر فيها نبيا، وتعاهدك علي الإيمان.. صلاة للحب، وصوم عن العقل، وحج إلي أقاصي قلبك المجنون.


هو: مشكلتي معك تلك الحمي التي تنتابني عندما أكتب إليك أو أتحدث معك، ساعتها أريد قول كل شئ دفعة واحدة فتتبعثر أفكاري وتتشتت خواطري وأعود من رحلة بوحي أخرس لا يكاد يبين .

هي: مرورك بالألفاظ يزلزلني إلي حد الفناء فيك، فلتعرف أن مشكلتي معك أنك قادر طوال الوقت أن تدهشني، وأقصي ما تطمح فيه المرأة رجلا يدهشها.


هو: وهل للزهرة حياة إن لم يرشفها النحل؟ هل للنحل حياة إن افتقد الزهرة حتي ولو أدمته أشواكها.. فكوني زهرتي لأكون نحلك الكثير.

هي: أراك في ذلك الشارع الطويل تكاد أنفاسك تتوقف بعد أن قطعته ورائي جريا، وعلي وجهك أنقي الابتسامات وأروعها، وكدت أسقط أنا من الدهشة، ومع أول لمسة لأيدينا انفطر القلبان عشقا ضاربا خارج حدود الأزمنة. فلماذا ذهبت دون وداع إلي فضائك وحيدا.


هو: كنت فوق تدفقك تقومين برحلة شاقة لاسترجاع ما كان بيننا، شعرت بحزنك طازجا وكأن الفقد قد حدث الآن وليس قبل سنوات، لمحت قلبي إذ يتعلق بك تعلقا يجعله يجري خلفك مبهور الأنفاس، حسدت أناملك وقد عرفت طريقها لواحة كفي، حسدت شوارع حنونة ضمتنا، حسدتك علي الذكري المقيمة التي تصلح زادا من الأمل يكفي لمواصلة الحياة.

هي: عد أو لا تعد.. فلقد سكنتني دروعك التي أحتمي بها، من نفسي ومن أفكاري، أخوض معركتك التي تقويني علي احتمال حبك.


هو: ومهما ابتعدنا ستكونين في أفقي.. فواصلي عزفك علي أوتار قلبي.. اغمسيني في ألمك وليل حرمانك وملوحة دمعك لكي ينتفض قلبي حبا لك وشفقة عليك ولو من خلف السماء في يوم عيدنا من كل عام.




زينب حسن

فى 6 يوليو 2009